قد ذكرنا في أول تفسير سورة البقرة ( ٣ ) في قوله :﴿وَيُقِيمُونَ الصلاة﴾ أن إقام الصلاة هو القيام بحقها على شروطها، والوجه في حذف الهاء ما قاله الزجاج، يقال أقمت الصلاة إقامة وكان الأصل إقواماً، ولكن قلبت الواو ألفاً فاجتمع ألفان فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين فبقي أقمت الصلاة إقاماً، فأدخلت الهاء عوضاً من المحذوف وقامت الإضافة ههنا في التعويض مقام الهاء المحذوفة، قال وهذا إجماع من النحويين.
المسألة الحادية عشرة :
اختلفوا في الصلاة فمنهم من قال هي الفرائض، ومنهم من أدخل فيه النقل على ما حكيناه في صلاة الضحى عن ابن عباس، والأول أقرب لأنه إلى التعريف أقرب وكذلك القول في الزكاة أن المراد المفروض لأنه المعروف في الشرع المسمى بذلك، وقال ابن عباس رضي الله عنهما المراد من الزكاة طاعة الله تعالى والإخلاص، وكذا في قوله :﴿وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بالصلاة والزكواة﴾ [ مريم : ٥٥ ] وقوله :﴿مَا زكى مِنكُم مّنْ أَحَدٍ﴾ [ النور : ٢١ ] وقوله :﴿تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا﴾ [ التوبة : ١٠٣ ] وهذا ضعيف لما تقدم ولأنه تعالى علق الزكاة بالإيتاء، وهذا لا يحمل إلا على ما يعطى من حقوق المال.
المسألة الثانية عشرة :
أنه سبحانه بين أن هؤلاء الرجال وإن تعبدوا بذكر الله والطاعات فإنهم مع ذلك موصوفون بالوجل والخوف فقال :﴿يخافون يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ القلوب والأبصار﴾ وذلك الخوف إنما كان لعلمهم بأنهم ما عبدوا الله حق عبادته.


الصفحة التالية
Icon