وقال الجصاص :
قَوْله تَعَالَى :﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا ﴾ الْآيَةَ.
قِيلَ إنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَصَابِيحَ الْمُقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ.
وَقِيلَ :( تُوقَدُ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ).
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :( هَذِهِ الْبُيُوتُ هِيَ الْمَسَاجِدُ )، وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :" أَنْ تُرْفَعَ مَعْنَاهُ تُرْفَعُ بِالْبِنَاءِ، كَمَا قَالَ :﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ ﴾ " وَقَالَ :( أَنْ تُرْفَعَ أَنْ تَعْظُمَ بِذِكْرِهِ ؛ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ الصَّلَوَاتِ وَالذِّكْرِ ).
وَرَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الضُّحَى فَقَالَ :( إنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ وَمَا يَغُوصُ عَلَيْهَا إلَّا غَوَّاصٌ ) ثُمَّ قَرَأَ :﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا مِنْ رَفْعِهَا بِالْبِنَاءِ وَمِنْ تَعْظِيمِهَا جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيهُهَا مِنْ الْقُعُودِ فِيهَا لِأُمُورِ الدُّنْيَا مِثْلُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَعَمَلِ الصِّنَاعَاتِ وَلَغْوِ الْحَدِيثِ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَالسَّفَهِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.


الصفحة التالية
Icon