السؤال السادس : لم جاءت الأجناس الثلاثة على هذا الترتيب ؟ والجواب : قد قدم ما هو ( أعجب ) وهو الماشي بغير آله مشى من أجل أو قوائم ثم الماشي على رجلين ثم الماشي على أربع، واعلم أن قوله :﴿يَخْلُقُ الله مَا يَشَاءُ﴾ تنبيه على أن الحيوانات كما اختلفت بحسب كيفية المشي فكذا هي مختلفة بحسب أمور أخر، فلنذكر ههنا بعض التقسيمات :
التقسيم الأول : الحيوانات قد تشترك في أعضاء وقد تتباين بأعضاء، أما الشركة فمثل اشتراك الإنسان والفرس في أن لهما لحماً وعصباً وعظماً، وأما التباين فإما أن يكون في نفس العضو أو في صفته، أما التباين في نفس العضو فعلى وجهين : أحدهما : أن لا يكون العضو حاصلاً للآخر، وإن كانت أجزاؤه حاصلة للثاني كالفرس والإنسان، فإن الفرس له ذنب والإنسان ليس له ذنب ولكن أجزاء الذنب ليست إلا العظم والعصب واللحم والجلد والشعر، وكل ذلك حاصل للإنسان والثاني : أن لا يكون ذلك العضو حاصلاً للثاني لا بذاته ولا بأجزائه مثل أن للسلحفاة صدفاً يحيط به وليس للإنسان ذلك وكذا للسمك فلوس وللقنفذ شوك وليس شيء منها للإنسان وأما التباين في صفة العضو، فإما أن يكون من باب الكمية أو الكيفية أو الوضع أو الفعل أو الانفعال، أما الذي في الكم، فإما أن يتعلق بالمقدار مثل أن عين البوم كبيرة وعين العقاب صغيرة أو بالعدد مثل أن أرجل ضرب من العناكب ستة وأرجل ضرب آخر ثمانية أو عشرة، والذي في الكيف فكاختلافها في الألوان والأشكال والصلابة واللين، والذي في الوضع فمثل اختلاف وضع ثدي الفيل فإنه يكون قريباً من الصدر وثدي الفرس فإنه عند السرة.
وأما الذي في الفعل فمثل كون أذن الفيل صالحاً للذب مع كونه آلة للسمع وليس كذلك في الإنسان وكون أنفه آلة للقبض دون أنف غيره.
وأما الذي في الانفعال فمثل كون عين الخفاش سريعة التحير في الضوء وعين الخطاف بخلاف ذلك.