وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
لما ذكر تعالى مثل المؤمن والكافر وأن الإيمان والضلال أمرهما راجع إليه أعقب بذكر الدلائل على قدرته وتوحيده، والظاهر حمل التسبيح على حقيقته وتخصيص ﴿ من ﴾ في قوله ومن في الأرض بالمطيع لله تعالى من الثقلين.
وقيل :﴿ من ﴾ عام لكل موجود غلب من يعقل على ما لا يعقل، فأدرج ما لا يعقل فيه ويكون المراد بالتسبيح دلالته بهده الأشياء على كونه تعالى منزهاً عن النقائص موصوفاً بنعوت الكمال.
وقيل : المراد بالتسبيح التعظيم فمن ذي الدين بالنطق والصلاة ومن غيرهم من مكلف وجماد بالدلالة، فيكون ذلك قدراً مشتركاً بينهما وهو التعظيم.
وقال سفيان : تسبيح كل شيء بطاعته وانقياده.
﴿ والطير صافات ﴾ أي صفت أجنحتها في الهواء للطيران، وإنما خص الطير بالذكر لأنها تكون بين السماء والأرض إذا طارت فهي خارجة من جملة ﴿ من في السموات والأرض ﴾ حالة طيرانها.
وقرأ الجمهور ﴿ والطيرُ ﴾ مرفوعاً عطفاً على ﴿ من ﴾ و﴿ وصافات ﴾ نصب على الحال.
وقرأ الأعرج ﴿ والطير ﴾ بالنصب على أنه مفعول معه.
وقرأ الحسن وخارجة عن نافع ﴿ والطيرُ صافاتٌ ﴾ برفعهما مبتدأ وخبر تقديره يسبحن.
قيل : وتسبيح الطير حقيقي قاله الجمهور.
قال الزمخشري : ولا يبعد أن يلهم الله الطير دعاءه وتسبيحه كما ألهمها سائر العلوم الدقيقة التي لا يكاد العقلاء يهتدون إليها.
وقال الحسن وغيره : هو تجوّز إنما تسبيحه ظهور الحكمة فيه فهو لذلك يدعو إلى التسبيح.
﴿ كل ﴾ أي كل ممن ذكر، فيشمل الطير والظاهر أن الفاعل المستكن في ﴿ علم ﴾ وفي ﴿ صلاته وتسبيحه ﴾ عائد على ﴿ كل ﴾ وقاله الحسن قال : فهو مثابر عليهما يؤديهما.
وقال الزجاج : الضمير في ﴿ علم ﴾ وفي ﴿ صلاته وتسبيحه ﴾ لكل.