وقيل ﴿ كل دابة ﴾ على العموم في هذه الأشياء كلها وإن أصل جميع المخلوقات الماء، فروي أن أول ما خلق الله جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فصارت ماءً، ثم خلق من ذلك الماء النار والهواء والنور، ولما كان المقصود من هذه الآية بيان أصل الخلقة وكان الأصل الأول هو الماء قال :﴿ خلق كل دابة من ماء ﴾.
وقال القفال : ليس ﴿ من ماء ﴾ متعلقاً بخلق وإنما هو في موضع الصفة لكل دابة، فالمعنى الإخبار أنه تعالى خلق كل دابة متولدة من الماء أي متولدة من الماء مخلوقة لله تعالى.
ونكر الماء هنا وعرف في ﴿ وجعلنا من الماء كل شيء حي ﴾ لأن المعنى هنا ﴿ خلق كل دابة ﴾ من نوع من الماء مختص بهذه الدابة، أو ﴿ من ماء ﴾ مخصوص وهو النطفة، ثم خالف بين المخلوقات من النطفة هوامّ وبهائم وناس كما قال ﴿ يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ﴾ وهنا قصد أن أجناس الحيوان كلها مخلوقة من هذا الجنس الذي هو جنس الماء، وذلك أنه هو الأصل وإن تخللت بينها وبينه وسائط كما قيل : إن أصل النور والنار والتراب الماء.
وسمي الزحف على البطن مشياً لمشاكلته ما بعده من ذكر الماشين أو استعارة، كما قالوا : قد مشى هذا الأمر وما يتمشى لفلان أمر، كما استعاروا المشفر للشفة والشفة للجحفلة.
والماشي ﴿ على بطنه ﴾ الحيات والحوت ونحو ذلك من الدود وغيره.
و﴿ على رجلين ﴾ الإنسان والطير والأربع لسائر حيوان الأرض من البهائم وغيرها، فإن وجد من له أكثر من أربع.
فقيل : اعتماده إنما هو على أربع ولا يفتقر في مشيه إلى جميعها وقدم ما هو أعرف في القدرة وأعجب وهو الماشي بغير آلة مشى من له رجل وقوائم، ثم الماشي على رجلين ثم الماشي على أربع.


الصفحة التالية
Icon