وفي مصحف أبي ومنهم من يمشي على أكثر وهو ظاهر في خلاف ما يزعمون لكنه لم يثبت قرآناً، وتذكير الضمير في ﴿ مِنْهُمْ ﴾ لتغليب العقلاء، وبنى على تغليبهم في الضمير التعبير بمن واقعة على ما لا يعقل قاله الرضى، وظاهر بعض العبارات يشعر باعتبار التغليب في ﴿ كُلَّ دَابَّةٍ ﴾ وليس بمراد بل المراد أن ذلك لما شمل العقلاء وغيرهم على طريق الاختلاط لزم اعتبار ذلك في الضمير العائد عليه وتغليب العقلاء فيه، ويفهم من كلام بعض المحققين أن لا تغليب في ﴿ مِنْ ﴾ الأولى والثالثة بل هو في الثانية فقط، وقد يقال : لا تغليب في الثلاثة بعد اعتباره في الضمير فتدبر.
وترتيب الأصناف حسبما رتبت لتقديم ما هو أعرف في القدرة ؛ ولا ينافي ذلك كون المشي على البطن بمعنى الزحف مجازاً كما توهم، وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتفخيم شأن الخلق المذكور والإيذان بأنه من أحكام الألوهية، والإظهار في قوله سبحانه :﴿ إِنَّ الله على كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ ﴾ أي فيفعل ما يشاء كما يشاء لذلك أيضاً مع تأكيد استقلال الاستئناف التعليلي.
﴿ لَّقَدْ أَنزَلْنَا ءايات مبينات ﴾ أي لكل ما يليق بيانه من الأكام الدينية والأسرار التكوينية أو واضحات في أنفسها، وهذا كالمقدمة لما بعده ولذا لم يأت بالعاطف فيه كما أتى سبحانه به فيما مر من قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ ءايات مبينات وَمَثَلاً مّنَ الذين خَلَوْاْ ﴾ [ النور : ٣٤ ] الآية، ومن اختلاف المساق يعلم وجه ذكر ﴿ إِلَيْكُمْ ﴾ هناك وعدم ذكره هنا.
﴿ والله يَهْدِى مَن يَشَاء ﴾ هدايته بتوفيقه للنظر الصحيح فيها والتدبر لمعانيها ﴿ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ ﴾ موصل إلى حقيقة الحق والفوز بالجنة. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon