﴿ وَإِذَا دُعُواْ إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ ﴾ أي الرَّسولُ ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾ لأنَّه المباشرُ حقيقةً للحكمِ وإنْ كانَ ذلك حكمَ الله حقيقةً. وذكرُ الله تعالى لتفخيمه عليه السَّلامُ والإيذانِ بجلالة محلِّه عنده تعالى ﴿ إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾ أي فاجأ فريقٌ منهم الإعراضَ عن المحاكمةِ إليه عليه السَّلامُ لكون الحقِّ عليهم وعلمِهم بأنَّه عليه السَّلامُ يحكمُ بالحقِّ عليهم وهو شرح للتَّولِّي ومبالغةٌ فيه.
﴿ وَإِن يَكُنْ لَّهُمُ الحق ﴾ لا عليهم ﴿ يَأْتُواْ إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ ﴾ مُنقادين لجزمِهم بأنَّه عليه السَّلامُ يحكمُ لهم. وإلى صلةٌ ليأتُوا فإنَّ الإتيانَ والمجيءَ يُعدَّيان بإلى، أو لمذعنين على تضمينِ معنى الإسراعِ والإقبال كما في قولِه تعالى :﴿ فَأَقْبَلُواْ إِلَيْهِ يَزِفُّونَ ﴾ والتقديمُ للاختصاصِ.
﴿ أَفِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾ إنكارٌ واستقباحٌ لإعراضِهم المذكورِ وبيانٌ لمنشئه بعد استقصاء عدَّةٍ من القبائح المحقَّقةِ فيهم والمتوقَّعةِ منهم وترديدِ المنشئية بينها فمدارُ الاستفهام ليس نفسَ ما وليتْه الهمزةُ وأَمْ من الأمورِ الثَّلاثة بل هو منشئيتها له كأنَّه قيل : أذلك أي إعراضُهم المذكورُ لأنَّهم مرضى القلوبِ لكفرِهم ونفاقِهم.