المسألة الثانية :
اعلم أن قوله :﴿يُزْجِي سَحَاباً﴾ يحتمل أنه سبحانه ينشئه شيئاً بعد شيء، ويحتمل أن يغيره من سائر الأجسام لا في حالة واحدة، فعلى الوجه الأول يكون نفس السحاب محدثاً، ثم إنه سبحانه يؤلف بين أجزائه، وعلى الثاني يكون المحدث من قبل الله تعالى تلك الصفات التي باعتبارها صارت تلك الأجسام سحاباً، وفي قوله :﴿ثُمَّ يُؤَلّفُ بَيْنَهُ﴾ دلالة على وجودها متقدماً متفرقاً إذ التأليف لا يصح إلا بين موجودين، ثم إنه سبحانه يجعله ركاماً، وذلك بتركب بعضها على البعض، وهذا مما لا بد منه لأن السحاب إنما يحمل الكثير من الماء إذا كان بهذه الصفة وكل ذلك من عجائب خلقه ودلالة ملكه واقتداره، قال أهل الطبائع إن تكون السحاب والمطر والثلج والبرد والطل والصقيع في أكثر الأمر يكون من تكاثف البخار وفي الأقل من تكاثف الهواء، أما الأول فالبخار الصاعد إن كان قليلاً وكان في الهواء من الحرارة ما يحلل ذلك البخار فحينئذ ينحل وينقلب هواء.