ثم علل ذلك بقوله :﴿طاعة﴾ أي هذه الحقيقة ﴿معروفة﴾ أي منكم ومن غيركم، وإرادة الحقيقة هو الذي سوغ الابتداء بها مع تنكير لفظها لأن العموم الذي تصلح له كما قالوا من أعرف المعارف، ولم تعرف ب " ال " لئلا يظن أنها لعهد ذكري أو نحوه، والمعنى أن الطاعة وإن اجتهد العبد في إخفائها لا بد أن تظهر مخايلها على شمائله، وكذا المعصية لأنه " ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها " رواه الطبراني عن جندب ـ رضى الله عنه ـ، وروى مسدد عن عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ قال : لو أن رجلاً دخل بيتاً في جوف بيت فأدمن هناك عملاً أوشك الناس أن يتحدثوا به، وما من عامل عمل عملاً إلا كساه الله رداء عمله، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.
ولأبي يعلى والحاكم - وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه عن أبي سعيد ـ رضى الله عنه ـ عن رسول الله ـ ﷺ ـ قال :" لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائناً ما كان " ثم علل إظهاره للخبء بقوله :﴿إن الله﴾ أي الذي له الإحاطة بكل شيء ﴿خبير بما تعملون﴾ وإن إجتهدتم في إخفائه، فهو ينصب عليه دلائل يعرفه بها عباده، فالحلف غير مغنٍ عن الحالف، والتسليم غير ضار للمسلم.


الصفحة التالية
Icon