فصل


قال الفخر :
أما قوله :﴿وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ﴾
فقال مقاتل : من حلف بالله فقد أجهد في اليمين، ثم قال لما بين الله تعالى كراهية المنافقين لحكم رسول الله، فقالوا والله لئن أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا، ثم إنه تعالى أمر رسوله أن ينهاهم عن هذا القسم بقوله :﴿قُل لاَّ تُقْسِمُواْ﴾ ولو كان قسمهم كما يجب لم يجز النهي عنه لأن من حلف على القيام بالبر والواجب لا يجوز أن ينهى عنه، وإذا ثبت ذلك ثبت أن قسمهم كان لنفاقهم وأن باطنهم خلاف ظاهرهم، ومن نوى الغدر لا الوفاء فقسمه لا يكون إلا قبيحاً.
أما قوله :﴿طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ﴾ فهو إما خبر مبتدأ محذوف، أي المطلوب منكم طاعة معروفة لا أيمان كاذبة، أو مبتدأ خبره محذوف أي طاعة معروفة أمثل من قسمكم بما لا تصدقون فيه، وقيل معناه دعوا القسم ولا تغتروا به وعليكم طاعة معروفة فتمسكوا بها.
وقرأ اليزيدي ﴿طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ﴾ بالنصب على معنى أطيعوا طاعة ( الله ) ﴿إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أي بصير لا يخفى عليه شيء من سرائركم، وإنه فاضحكم لا محالة ومجازيكم على نفاقكم. (١)
(١) لفظ (اللَّه) غير مثبت في الكشاف للزمخشري حيث إن الكلام منقول عنه. ٣ / ٧٣


الصفحة التالية
Icon