وقال أبو السعود :
﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المؤمنين ﴾
بالنَّصبِ على أنَّه خبرُ كانَ، وأنْ مع ما في حيِّزِها اسمُها. وقُرىء بالرَّفعِ على العكسِ والأوَّلُ أقوى صناعةً لأنَّ الأَولى للاسميَّةِ ما هُو أوغلُ في التَّعريفِ وذلكَ هو الفعلُ المصدَّرُ بأَنْ إذْ لا سبيلَ إليه للتَّنكيرِ بخلافِ قولَ المُؤمنين فإنَّه يحتملُه كما إذا اعتزلتْ عنه الإضافةُ، لكن قراءةُ الرَّفعِ أقعدُ بحسب المَعْنى وأوفى لمُقتضى المقام لما أنَّ مصبَّ الفائدةِ وموقعَ البيانِ في الجُملِ هو الخبرُ فالأحقُّ بالخبريَّةِ ما هو أكثرُ إفادةً وأظهرُ دلالةً على الحدوثِ وأوفرُ اشتمالاً على نسبٍ خاصَّةٍ بعيدةٍ من الوقُوع في الخارج وفي ذهن السَّامعِ. ولا ريبَ في أنَّ ذلكَ هاهنا في أنَّ مع ما في حيِّزها أتمُّ وأكملُ فإذا هو أحقُّ بالخبريَّةِ، وأما ما تفيدُه الإضافةُ من النِّسبةِ المُطلقةِ الإجماليَّةِ فحيث كانتْ قليلةَ الجَدوى سهلةَ الحُصول خارجاً وذهناً كان حقُّها أنْ تُلاحظ ملاحظةً مجملةً وتجعلَ عُنواناً للموضوعِ فالمعنى إنَّما كانَ مطلقُ القولِ الصَّادرِ عن المؤمنين ﴿ إِذَا دُعُواْ إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ ﴾ أي الرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾ أي وبين خصومِهم سواءً كانُوا منهم أو من غيرِهم ﴿ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ أي خصوصية هذا القولِ المحكيِّ عنهم لا قولاً آخرَ أصلاً.