﴿ نُّورٌ على نُورٍ ﴾ يعني أنّ القرآن نور من الله يخلقه مع ما قد أقام لهم من الدلائل والأعلام قبل نزول القرآن فازدادوا بذلك نوراً على نور.
ثمَّ أخبر أنّ هذا النور المذكور عزيز فقال عزَّ من قائل ﴿ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ ﴾ تقريباً للشيء الذي أراده إلى الأفهام وتسهيلا لسبل الإدراك على الأنام ﴿ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ ﴾.
ثمَّ قال عزَّ من قائل ﴿ فِي بُيُوتٍ ﴾ نظم الآية : ذلك المصباح في بيوت ويجوز أن يكون معناه : توقد في بيوت وهي المساجد، عن أكثر المفسّرين.
أخبرني ابن فنجويه الدينوري قال : حدّثنا ابن حنش المقري قال : حدّثنا محمد بن أحمد ابن إبراهيم الجوهري قال : حدّثنا علىّ بن أشكاب قال : حدّثنا محمد بن ربيعة الكلابي عن بكير ابن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : المساجد بيوت الله عزّ وجلّ في الأرض، وهي تضيء لأهل السماء كما تضئ النجوم لأهل الأرض.
وقال عمرو بن ميمون : أدركت أصحاب رسول الله ﷺ وهم يقولون : المساجد بيوت الله وحقّ على الله أن يكرم من زاره فيها.
وأخبرنا الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدّثنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال : حدّثنا عبيد الله بن ثابت الحريري قال : حدّثنا أبو سعيد الأشجّ قال : حدّثنا أبو أُسامة عن صالح بن حيّان عن ابن أبي بريدة في قوله سبحانه ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ ﴾ الآية. قال : إنّما هي أربع مساجد لم يبنها إلاّ نبيّ : الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل فجعلاها قبلة، وبيت المقدس بناه داود وسليمان، ومسجد المدينة بناه رسول الله ﷺ ومسجد قباء أُسّس على التقوى، بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم.