والثاني : كلّ مسبّح ومصلَ منهم قد علم صلوة نفسه وتسبيحه الذي كلّفه الله، وقد علم كلّ منهم صلاة الله من تسبيحه. ﴿ والله عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَللَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ أي تقديرها وتدبير أُمورها وتصريف أحوالها كما يشاء ﴿ وإلى الله المصير * أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجِي ﴾ يسوق ﴿ سَحَاباً ﴾ الى حيث يريد ﴿ ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ﴾ أي يجمع بين قطع السحاب المتفرّقة بعضها إلى بعض، والسّحاب جمع، وإنما ذكر الكناية على اللفظ ﴿ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً ﴾ متراكماً بعضه فوق بعض ﴿ فَتَرَى الودق يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ ﴾ وسطه وهو جمع خلل، وقرأ ابن عباس والضحاك من خَللهِ.
﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾ أي البرد، ومن صلة، وقيل : معناه وينزل من السماء قدر جبال أو مثال جبال من برد إلى الأرض، فمِن الأُولى للغاية لأنّ ابتداء الإنزال من السماء، والثانية : للتبعيض لأنّ البرد بعض الجبال التي في السماء، والثالثة : لتبيين الجنس لأنّ جنس تلك الجبال جنس البرد ﴿ فَيُصِيبُ بِهِ ﴾ أي بالبرد ﴿ مَن يَشَآءُ ﴾ فيهلكه ويهلك زروعه وأمواله، ﴿ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَآءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ ﴾ أي ضوء برق السحاب ﴿ يَذْهَبُ بالأبصار ﴾ من شدّة ضوئه وبريقه، وقرأ أبو جعفر : يُذهب بضم الياء وكسر الهاء، غيره : من الذهاب.
﴿ يُقَلِّبُ الله الليل والنهار ﴾ يصرفهما في اختلافهما ويعاقبهما ﴿ إِنَّ فِي ذلك ﴾ الذي ذكرت من هذه الاشياء ﴿ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأبصار ﴾ لذوي العقول.


الصفحة التالية
Icon