﴿ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ الله لَهُ نُوراً ﴾ أي من لم يهده الله لم يهتد، فالنور كناية عن الهدى، والإيمان، في الدنيا، وقيل : أراد في الآخرة أي من لم يرحمه الله فلا رحمة له، والأول أليق بما قبله، ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السماوات والأرض والطير صَآفَّاتٍ ﴾ الرؤية هنا بمعنى العلم والتسبيح التنزيه والتعظيم، وهو من العقلاء بالنطق، وأما تسبيح الطير وغيرها مما لايعقل، فقال الجمهور : إنه حقيقي، ولا يبعد أن يلهمها الله التسبيح، كما يلهمها الأمور الدقيقة التي لا يهتدي إليها العقلاء، وقيل : تسبيحه ظهور الحكمة فيه ﴿ صَآفَّاتٍ ﴾ يصففن أجنحتهن في الهواء ﴿ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾ الضمير في ﴿ عَلِمَ ﴾ لله، أو لكل، والضمير في ﴿ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾ لكل ﴿ يُزْجِي ﴾ معناه يسوق، والإزجاء إنما يستعمل في سوق كل ثقيل كالسحاب ﴿ رُكَاماً ﴾ متكاثف بعضه فوق بعض ﴿ الودق ﴾ المطر ﴿ مِنْ خِلاَلِهِ ﴾ أي من بينه، وهو جمع خلل كجبل وجبال ﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السمآء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ ﴾ قيل : إن الجبال هنا حقيقة وأن الله جعل في السماء جبالاً من برد، وقيل : إنه مجاز كقولك عند فلان جبال من مال أو علم : أي هي في الكثرة كالجبال، و ﴿ مَن ﴾ في قوله ﴿ مِنَ السمآء ﴾ لابتداء الغاية، وفي قوله ﴿ مِن جِبَالٍ ﴾ كذلك، وهي بدل من الأولى، وتكون للتبعيض، فتكون مفعول ينزل، و ﴿ مِن ﴾ في قوله :﴿ مِن بَرَدٍ ﴾ : لبيان الجنس أو للتبعيض فتكون مفعول ينزل، وقال الأخفش : هي زائدة، وذلك ضعيف، وقوله :﴿ فِيهَا ﴾ صفة للجبال، والضمير يعود على السماء ﴿ سَنَا بَرْقِهِ ﴾ السنا بالقصر الضوء، وبالمدّ المجد والشرف ﴿ يُقَلِّبُ الله الليل والنهار ﴾ أي يأتي بهذا بعد هذا.


الصفحة التالية
Icon