﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا ﴾ دهنها ﴿ يُضِىء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ وصف الزيت بالصفاء والوميض وأنه لتلألئه يكاد يضيء من غير نار ﴿ نُّورٌ على نُورٍ ﴾ أي هذا النور الذي شبه به الحق نور متضاعف قد تناصر فيه المشكاة والزجاجة والمصباح والزيت حتى لم تبق بقية مما يقوي النور، وهذا لأن المصباح إذا كان في مكان متضايق كالمشكاة كان أجمع لنوره بخلاف المكان الواسع فإن الضوء ينتشر فيه.
والقنديل أعون شيء على زيادة الإنارة وكذلك الزيت وصفاؤه، وضرب المثل يكون بدنيء محسوس معهود لا بعلي غير معاين ولا مشهود فأبو تمام لما قال في المأمون :
إقدام عمرو في سماحة حاتم...
في حلم أحنف في ذكاء إياس
قيل له : إن الخليفة فوق من مثلته بهم فقال مرتجلاً :
لا تنكروا ضربي له من دونه...
مثلاً شروداً في الندى والباس
فالله قد ضرب الأقل لنوره...
مثلاً من المشكاة والنبراس
﴿ يَهْدِى الله لِنُورِهِ ﴾ أي لهذا النور الثاقب ﴿ مَن يَشَآء ﴾ من عباده أي يوفق لإصابة الحق من يشاء من عباده بإلهام من الله أو بنظره في الدليل ﴿ وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ ﴾ تقريباً إلى أفهامهم ليعتبروا فيؤمنوا ﴿ والله بِكُلّ شَيْء عَلِيمٌ ﴾ فيبين كل شيء بما يمكن أن يعلم به.
وقال ابن عباس رضي الله عنه : مثل نوره أي نور الله الذي هدى به المؤمن.
وقرأ ابن مسعود رحمه الله ﴿ مثل نوره في قلب المؤمن كمشكاة ﴾ وقرأ أبيّ ﴿ مثل نور المؤمن ﴾.
﴿ فِى بُيُوتٍ ﴾ يتعلق ﴿ بمشكاة ﴾ أي كمشكاة في بعض بيوت الله وهي المساجد كأنه قيل : مثل نوره كما يرى في المسجد نور المشكاة التي من صفتها كيت وكيت، أو ب ﴿ توقد ﴾ أي توقد في بيوت، أو ب ﴿ يسبح ﴾ أي يسبح له رجال في بيوت.