" رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم " ولم يفرق بين من بلغ خمس عشرة سنة وبين من لم يبلغها، فإن قيل فهذا الكلام يبطل التقدير أيضاً بثماني عشرة سنة أجاب بأنا قد علمنا بأن العادة في البلوغ خمس عشرة سنة وكل ما كان مبنياً على طريق العادات فقد تجوز الزيادة فيه والنقصان منه، وقد وجدنا من بلغ في اثنتي عشرة سنة، وقد بينا أن الزيادة على المعتاد جائزة كالنقصان منه فجعل أبو حنيفة رحمه الله الزيادة كالنقصان، وهي ثلاث سنين، وقد حكى عن أبي حنيفة رحمه الله تسع عشرة سنة للغلام، وهو محمول على استكمال ثماني عشرة سنة والدخول في التاسعة عشرة.
حجة الشافعي رحمه الله ما روى ابن عمر أنه عرض على النبي ﷺ يوم أحد وله أربع عشرة سنة فلم يجزه وعرض عليه يوم الخندق وله خمس عشرة سنة فأجازه اعترض أبو بكر الرازي عليه فقال هذا الخبر مضطرب لأن أحداً كان في سنة ثلاث والخندق في سنة خمس فكيف يكون بينهما سنة ؟ ثم مع ذلك فإن الإجازة في القتال لا تعلق لها بالبلوغ لأنه قد يرد البالغ لضعفه ويؤذن غير البالغ لقوته ولطاقته حمل السلاح ويدل على ذلك أنه عليه الصلاة والسلام ما سأله عن الاحتلام والسن.


الصفحة التالية
Icon