من الناس من قال إن قوله تعالى :﴿يا أَيُّهَا الذين ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلّمُواْ على أَهْلِهَا﴾ [ النور : ٢٧ ] فهذا يدل على أن الاستئذان واجب في كل حال، وصار ذلك منسوخاً بهذه الآية في غير هذه الأحوال الثلاثة، ومن الناس من قال الآية الأولى أريد بها المكلف لأنه خطاب لمن آمن، وما ذكره الله تعالى في هذه الآية فهو فيمن ليس بمكلف فقيل فيه إن في بعض الأحوال لا يدخل إلا بإذن، وفي بعضها بغير إذن.
فلا وجه لحمل ذلك على النسخ، لأن ما تناولته الآية الأولى من المخاطبين لم تتناوله الآية الثانية أصلاً، فإن قيل بتقدير أن يكون قوله تعالى :﴿الذين مَلَكَتْ أيمانكم﴾ يدخل فيه من قد بلغ فالنسخ لازم، قلنا لا يجب ذلك أيضاً، لأن قوله :﴿يا أَيُّهَا الذين ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ﴾ لا يدخل إلا من يملك البيوت لحق هذه الإضافة، وإذا صح ذلك لم يدخل تحت العبيد والإماء، فلا يجب النسخ أيضاً على هذا القول، فأما إن حمل الكلام على صغار المماليك فالقول فيه أبين.
المسألة السادسة :
قال أبو حنيفة رحمه الله : لم يصر أحد من العلماء إلى أن الأمر بالاستئذان منسوخ.
وروى عطاء عن ابن عباس أنه قال : ثلاث آيات من كتاب الله تركهن الناس ولا أرى أحداً يعمل بهن، قال عطاء حفظت اثنتين ونسيت واحدة، وقرأ هذه الآية وقوله :
﴿يا أَيُّهَا الناس إِنَّا خلقناكم مّن ذَكَرٍ وأنثى﴾ [ الحجرات : ١٣ ] وذكر سعيد بن جبير أن الآية الثالثة قوله :﴿وَإِذَا حَضَرَ القسمة أُوْلُواْ القربى﴾ [ النساء : ٨ ] الآية.
أما قوله تعالى :﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوفُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ على بَعْضٍ﴾ ففيه سؤالات :


الصفحة التالية
Icon