وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا التَّأْوِيلَ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْبَالِغَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ الْبَالِغِ فِي تَحْرِيمِ النَّظَرِ إلَى مَوْلَاتِهِ، فَكَيْفَ يُجْمَعُ إلَى الصِّبْيَانِ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ مُكَلَّفِينَ قَالَ : فَالْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْعَبِيدَ الصِّغَارَ وَالْإِمَاءَ وَصِغَارَنَا الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ :( لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ).
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالشُّعَبِيُّ :( هَذَا مِمَّا تَهَاوَنَ بِهِ النَّاسُ وَمَا نُسِخَتْ ).
وَقَالَ أَبُو قلابة :" لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَأُشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ ﴾ ".
وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ :( يَسْتَأْذِنُ عِنْدَ كُلِّ عَوْرَةٍ، ثُمَّ هُوَ طَوَّافٌ بَعْدَهَا ) ؛ يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَأْذِنُ عِنْدَ أَوْقَاتِ الْخَلْوَةِ وَالتَّفَضُّلِ فِي الثِّيَابِ وَطَرْحِهَا وَهُوَ طَوَّافٌ بَعْدَهَا ؛ لِأَنَّهَا أَوْقَاتُ السَّتْرِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ الْخَادِمُ وَالْغُلَامُ وَالصَّبِيُّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الدُّخُولِ كَمَا قَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِرَّةِ :﴿ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ ﴾ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا.
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعُمَرَ : أَسْتَأْذِنُ عَلَى أُمِّي ؟ قَالَ : نَعَمْ ؛ وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ


الصفحة التالية
Icon