وأما قول ابن عباس فروى أبو داود عن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول : آية لم يؤمر بها أكثر الناس آيةُ الاستئذان وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن عليّ.
قال أبو داود : وكذلك رواه عطاء عن ابن عباس "يأمر به".
وروى عكرمة أن نفراً من أهل العراق قالوا : يا ابن عباس، كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها ( أحد )، قول الله عز وجل :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ والذين لَمْ يَبْلُغُواْ الحلم مِنكُمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاَةِ الفجر وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِّنَ الظهيرة وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ العشآء ثَلاَثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ﴾.
قال أبو داود : قرأ القَعْنَبِيّ إلى "عليمٌ حكيمٌ" قال ابن عباس : إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحبّ السّتر، وكان الناس ليس لبيوتهم سُتُور ولا حجال، فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيمة الرجل والرجلُ على أهله، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالستور والخير، فلم أر أحداً يعمل بذلك ( بعد ).
قلت : هذا متن حسن، وهو يرد قول سعيد وابن جبير ؛ فإنه ليس فيه دليل على نسخ الآية، ولكن على أنها كانت على حال ثم زالت، فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان، بل حكمها لليوم ثابت في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحارى ونحوها.
وروى وَكيع عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن الشعبي "يأيها الذين آمنوا ليِستأذنْكُم الذين ملكت أيمانكم" قال : ليست بمنسوخة.
قلت : إن الناس لا يعملون بها ؛ قال : الله عز وجل المستعان.