فمن ثم غلظ عليهم وضيق الأمر في الاستئذان مع العذر المبسوط ومساس الحاجة إليه واعتراض ما يهمهم ويعينهم، وذلك قوله ﴿ لبعض شأنهم ﴾ وذكر الاستغفار للمستأذنين دليل على أن الأحسن الأفضل أن لا يحدثوا أنفسهم بالذهاب ولا يستأذنوا فيه.
وقيل : نزلت في حفر الخندق وكان قوم يتسللون بغير إذن لذلك ينبغي أن يكون الناس مع أئمتهم ومقدميهم في الدين والعلم يظاهرونهم ولا يخذلونهم في نازلة من النوازل، ولا يتفرقون عنهم، والأمر في الإذن مفوض إلى الإمام إن شاء أذن وإن شاء لم يأذن على حسب ما اقتضاه رأيه انتهى.
وهو تفسير حسن ويجري هذا المجرى إمام الأمرة إذا كان الناس معه مجتمعين لمراعاة مصلحة دينية فلا يذهب أحد منهم عن المجمع إلاّ بإذن منه إذ قد يكون له رأي في حضور ذلك الذاهب.
وقال مكحول والزهري : الجمعة من الأمر الجامع، فإذا عرض للحاضر ما يمنعه الحضور من سبق رعاف فليستأذن حتى يذهب عنه سوء الظن به.
وقال ابن سيرين : كانوا يستأذنون الإمام على المنبر، فلما كثر ذلك قال زياد : من جعل يده على أنفه فليخرج دون إذن وقد كان هذا بالمدينة حتى إنّ سهيل بن أبي صالح رعف يوم الجمعة فاستأذن الإمام.
وقال ابن سلام : هو كل صلاة فيها خطبة كالجمعة والعيدين والاستسقاء.
وقال ابن زيد : في الجهاد.
وقال مجاهد : الاجتماع في طاعة الله.
قيل : في قوله ﴿ فائذن لمن شئت منهم ﴾ أريد بذلك عمر بن الخطاب.
وقرأ اليماني على أمر جميع. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾