الذين يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ؟ قلنا لا نسلم أن هذه الآية دالة على أمر من يكون مخالفاً للأمر بالحذر بل هي دالة على الأمر بالحذر عن مخالفة الأمر، فلم لا يجوز أن يكون كذلك ؟ سلمنا ذلك لكنها دالة على أن المخالف عن الأمر يلزمه الحذر، فلم قلت إن مخالف الأمر لا يلزمه الحذر ؟ فإن قلت لفظة ( عن ) صلة زائدة فنقول الأصل في الكلام لا سيما في كلام الله تعالى أن لا يكون زائداً، سلمنا دلالة الآية على أن مخالف أمر الله تعالى مأمور بالحذر عن العذاب، فلم قلت إنه يجب عليه الحذر عن العذاب ؟ أقصى ما في الباب أنه ورد الأمر به لكن لم قلت إن الأمر للوجوب ؟ وهذا أول المسألة، فإن قلت هب أنه لا يدل على وجوب الحذر لكن لا بد وأن يدل على حسن الحذر، وحسن الحذر إنما يكون بعد قيام المقتضي لنزول العذاب قلت : لا نسلم أن حسن الحذر مشروط بقيام المقتضي لنزول العذاب بل الحذر يحسن عند احتمال نزول العذاب ولهذا يحسن الاحتياط وعندنا مجرد الاحتمال قائم لأن هذه المسألة احتمالية لا قطعية، سلمنا دلالة الآية على وجود ما يقتضي نزول العقاب، لكن لا في كل أمر بل في أمر واحد لأن قوله ﴿عَنْ أَمْرِهِ﴾ لا يفيد إلا أمراً واحداً، وعندما أن أمراً واحداً يفيد الوجوب، فلم قلت إن كل أمر كذلك ؟ سلمنا أن كل أمر كذلك، لكن الضمير في قوله :﴿عَنْ أَمْرِهِ﴾ يحتمل عوده إلى الله تعالى وعوده إلى الرسول، والآية لا تدل إلا على أن الأمر للوجوب في حق أحدهما، فلم قلتم إنه في حق الآخر كذلك ؟ الجواب : قوله لم قلتم إن موافقة الأمر عبارة عن الإتيان بمقتضاه ؟ قلنا الدليل عليه أن العبد إذا امتثل أمر السيد حسن أن يقال إن هذا العبد موافق للسيد ويجري على وفق أمره، ولو لم يمتثل أمره يقال إنه ما وافقه بل خالفه، وحسن هذا الإطلاق معلوم بالضرورة من أهل اللغة فثبت أن موافقة الأمر عبارة عن الإتيان بمقتضاه، قوله الموافقة عبارة عن الإتيان بما