ولما قصرهم على الاستئذان، تسبب عن ذلك إعلامه ـ ﷺ ـ بما يفعل إذ ذاك فقال :﴿فإذا استأذنوك﴾ أي هؤلاء الذين صحت دعواهم ؛ وشدد عليهم تأكيداً لتعظيم الأدب معه ـ ﷺ ـ بقوله :﴿لبعض شأنهم﴾ وهو ما تشتد الحاجة إليه ﴿فأذن لمن شئت منهم﴾ قيل : كان رسول الله ـ ﷺ ـ إذا صعد المنبر يوم الجمعة فمن اراد أن يخرج لعذر قام بحياله فيعرف أنه يستأذن فيأذن لمن شاء، قال مجاهد : وإذن الإمام يوم الجمعة أن يشير بيده، وقيل : كذلك ينبغي أن يكون الناي مع أئمتهم ومقدميهم في الدين والعلم لا يخذلونهم في نازلة من النوازل.
ولما أثبت له بهذا التفويض من الشرف ما لا يبلغ وصفه، أفهمهم أن حال المستأذن قاصرة عن حال المفوض الملازم كيفما كانت، فقال :﴿واستغفر لهم الله﴾ أي الذي له الغنى المطلق، فلا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، أو يكون الكلام شاملاً لمن صحت دعواه وغيره ؛ ثم علل ذلك ترغيباً في الاستغفار، وتطييباً لقلوب أهل الأوزار، بقوله :﴿إن الله﴾ أي الذي له صفات الكمال ﴿غفور﴾ أي له هذا الوصف فهو جدير بأن يغفر لهم ما قصروا فيه ﴿رحيم﴾ أي فكل ما أمرهم به فهو خير لهم وإن تراءى لهم خلافه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ٢٨٧ ـ ٢٨٩﴾


الصفحة التالية
Icon