أشد الغم عندي في سرور تيقن عنه صاحبه انتقالا
وقد "كانَ" وجود ما يريدونه فيها "عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلًا" ١٦ عنه للطائعين الذين كانوا يقولون في الدنيا (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) الآية ١٩٤ من آل عمران والاستفهام في صدر الآية المفسرة تقريري يفهم جوابه من المقام لأن
انعدام الأخيرية في النار معلوم، والقصد توبيخ الكفرة المقصودين بالآية السابقة وأمثالهم وتقريعهم على ما هم متلبسون به، قال تعالى "وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ" كالملائكة وعيسى بن مريم وعزير عليهم السلام والإنس والجن والأوثان والشمس والقمر والكواكب والحيوان.
مطلب استعمال من لمن لا يعقل وما لمن يعقل وبراءة المعبودين من العابدين :
ذلك لأن لفظ (ما) هنا يتناول العقلاء وغيرهم باعتبار الوصف، وفي كل محل يراد بها الوصف لا تخص بالعقلاء، وقد تأتي على قلّة فيهم كما تأتي من على قلّة في غير العقلاء، راجع آية السجدة من سورة النحل، والآية ٥٣ من سورة يوسف في ج ٢، وآية السجدة من سورة الحج في ٣، كما سنبينه في تفسير هذه الآيات إن شاء اللّه، لذلك كان المراد في هذه الآية نحشرهم ومعبوديهم جميعا بدليل قوله تعالى (ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ) الآية ٤٠ من سورة سبأ في ج ٢، وقوله تعالى (أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ) الآية ١١٦ من سورة المائدة في ج ٣، وقوله تعالى (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) الآية ١٢ من سورة إبراهيم في ج ٢، وقوله تعالى أيضا "فَيَقُولُ" اللّه عز وجل للمعبودين كلهم، لأن إطلاق الآية يفيده "أَ أَنْتُمْ" غلب العقلاء بخطابه على غيرهم.