إنه متحرك ساكن، متحرك في الحقيقة ساكن في الظاهر، لا تدرك حركته بالبصر بل بالبصيرة الباطنة (ص ١٨٦ ج ٣ في كتاب ذم الدنيا) أي ألم تر أيها الإنسان إلى صنع ربك البديع، إذ ليس المقصود هنا رؤية اللّه تعالى ذاته، لأن الرؤية هنا بصرية بدليل تعديتها بإلى "وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً" ثابتا دائما لا تذهب الشمس، وفي هذا تنبيه على أن لا دخل للأسباب العادية من قرب الشمس إلى الأفق الشرقي على للقول بأن المراد بالظل ما بين طلوع الفجر والشمس أو ما بين غروبها وطلوعها، أو قيام الشاخص الكثيف على القول بأن المراد مطلق الظل وهو الأولى على ظاهر القرآن، وإنما المؤثر فيه حقيقة المشيئة والقدرة الإلهية وحدها "ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا" ٤٥ فلولاها لما عرف الظل، ولو لا النور ما عرفت الظلمة، والأشياء تعرف بأضدادها "ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً" ٤٦ جدا أي أزلناه بعد ما أنشأناه بتسليط الشمس عليه شيئا فشيئا، بصورة محسوسة فعلا غير محسوسة نظرا لدقة السير، ذلك صنع الخالق المبدع من غير عسر عليه دلالة على توحيده، وجاء الخطاب في هذه خاصا كما هو شأن كل خطاب مثله،


الصفحة التالية
Icon