وسقى وأسقى لغتان وما جرينا عليه أوجه "وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ" على أنحاء وأوقات مختلفة، وهذا معنى التصريف واللام في لقد للقسم، والمعنى وعزّتي وجلالي لقد قسمنا مياه الأمطار "بَيْنَهُمْ" أي الناس بحسب الحاجة على البلدان المتغايرة والأوقات المختلفة والصفات المتفاوتة، راجع الآية ٢٧ من سورة السجدة في ج ٢ "لِيَذَّكَّرُوا" في قدرتنا كيف نرسله إلى محل دون آخر ووقت دون وقت، مرة وابلا وأخرى طلا أي مطرا شديدا وخفيفا وطورا ديمة يداوم أياما، وتارة طشا متقطعا كالمزن أو متصلا، وأوانا رذاذا، على مقتضى الحال والحاجة المحل الذي ينزل فيه، ومع هذا "فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً" ٥٠ بنعمنا المترادفة عليهم، وعدم التذكر بآلاءنا ولم يكتفوا بذلك حتى أسندوه إلى مخلوقاتنا، إذ يقولون مطرنا بنوء كذا، روى البخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهمي أنه قال قال صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في اثر سماء من الليل، فلما انصرف أي سلّم أقبل على الناس فقال
أتدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا اللّه ورسوله أعلم، قال قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل اللّه ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر مؤمن بالكواكب، والمراد بالأنواء مطالع النجوم في المشرق عند سقوط ما يقابلها بالمغرب، وكانت العرب تسند بعض الحوادث كالأمطار والرياح وغيرها إلى تلك الأوقات، ويطلق النوء على النجم أيضا إذا مال إلى الغروب وقدم في هذه الآية الأنعام على الناس لا لفضلها، بل لأنها قنية الناس وعامة منافعهم ومعايشهم منها من تقويم الأسباب على المسببات كما قدم أحياء الأرض على إسقاء مخلوقاته لأنه السبب في حياتها