ويعده العون والمساعدة في معركة الجدل والمحاجة:(ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا).. وفي نهاية المعركة كلها يعرض عليه مصارع المكذبين من قبل: قوم موسى ونوح وعاد وثمود وأصحاب الرس وما بين ذلك من قرون.
ويعرض عليه نهايتهم التعيسة في سلسلة من مشاهد القيامة:(الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا).. (بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا. إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا. وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا. لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا ادعوا ثبورا كثيرا) (ويوم يعض الظالم على يديه يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. يا ويلتا ! ليتني لم أتخذ فلانا خليلا)..
ويسليه بأن مثله مثل الرسل كلهم قبله: (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق)..(وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين. وكفى بربك هاديا ونصيرا).
ويكلفه أن يصبر ويصابر، ويجاهد الكافرين بما معه من قرآن، واضح الحجة قوي البرهان عميق الأثر في الوجدان:(فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا)..
ويغريه على مشاق الجهاد بالتوكل على مولاه (وتوكل علي الحي الذي لا يموت وسبح بحمده، وكفى به بذنوب عباده خبيرا..
وهكذا تمضي السورة: في لمحة منها إيناس وتسرية وعطف وإيواء من الله لرسوله. وفي لمحة منها مشاقة وعنت من المشركين لرسول الله ( ﷺ ) وتتبير ونكال من الله الكبير المتعال. حتى تقرب من نهايتها، فإذا ريح رخاء وروح وريحان، وطمأنينة وسلام.. وإذا صورة (عباد الرحمن).. (الذين يمشون على الأرض هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما...)وكأنما تتمخض عنهم معركة الجهادالشاقة مع البشرية الجاحدة الضالة المعاندة المشاقة ; وكأنما هم الثمرة الحلوة الجنية الممثلة للخير الكامن في شجرة البشرية ذات الأشواك.


الصفحة التالية
Icon