والمراد به القرآن العظيم بدليل قوله جل علاه "عَلى عَبْدِهِ" محمد صلى اللّه عليه وسلم، وهو أحب أسمائه إليه ولهذا كرره في سورة الكهف وفي الآية ٣٦ من سورة الزمر في ج ٢ وفي الآية ١٠ من سورة الحديد والآية ٢٣ من البقرة والآية ٤١ من الأنفال في ج ٣ وفي الآية ١٠ من سورة النجم والآية ١٩ من سورة الجن المارتين.
وقد أضيف إلى ضمير المتكلم والغائب وإلى اسم الكريم إضافة تشريف، ولا شك أن العبودية أفضل من العبادة لبقائها في الآخرة، وإنما أنزلنا على عبدنا هذا القرآن "لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً" ١ محظرا ومخوفا وزاجرا ومحذرا من سوء العاقبة لمن لم يؤمن به في العالمين أجمع أحمرهم وأخضرهم، أسودهم وأبيضهم، إنسهم وجنهم، لان أل فيه للجنس، فيعم جميع أفراده، وفيها دليل قاطع لا يحتمل التأويل على أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم مرسل برسالة عامة للخلق كافة خلافا لما يقوله من لا ثقة به من أن رسالته خاصة بالعرب.
وقد بينا ما يتعلق بهذا في الآية ١٥٨ من سورة الأعراف وله صلة في تفسير الآية ٢٨ من سورة سبأ في ج ٢، وتدل هذه الآية صراحة على أنه مرسل لجميع الناس على اختلاف مللهم ونحلهم.
وقرأ ابن الزبير للعالمين بالتثنية، يريد الإنس والجن وقراءتها بالجمع أحسن، وعليها المصاحف.
وفي تقديم الجار والمجرور على المتعلق تشويق للسامع بانتظار ما بعده، ومراعاة لفواصل الآي، لأن أكثرها جاءت على نسق واحد في هذه السورة كالإسراء وطه ومريم الآتيات والقمر والمرسلات المارتين وسورة الرحمن والإنسان في ج ٢.
ثم وصف نفسه تعالت نفسه بقوله "الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" يتصرف فيهما وفيما بينهما وما فوقهما وتحتهما كما يريد ويختار، لا ينازعه فيها أحد إذ الكل تحت قبضته.