واعلم أن لفظ الملك يطلق على الأرض، والملكوت على السماء، وما فيهما على الانفراد، وفي حالة الجمع كما في الآية ٧٥ من سورة الأنعام ج ٢ والآية ١٧٤ من سورة الأعراف المارّة، ويجوز استعمال أحدهما مكان الآخر، راجع تفسير الآية ٨٩ من سورة الأنبياء في ج ٢ "وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً" كما يقوله الظالمون لعدم حاجته إليه "وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ" يعاونه على تدبيره أو لا يعاونه، لأنه العظيم المدبر له وحده الجليل المنفرد في أمره الرحيم المستقل بشؤونه.
وفيها ردّ على من يقول من العرب واليهود والنصارى بأن الملائكة وعزير والمسيح أبناؤه، وعلى التنويه القائلين بتعدد الآلهة وبأن خالق النور غير خالق الظلمة، وخالق الخير غير خالق الشر، تعالى اللّه في ذلك وتنزه
"وَخَلَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ" من المكونات الأرضية والسماوية "فَقَدَّرَهُ" هيأه لما يصلح إليه، وما يليق به وما يكون منه "تَقْدِيراً" ٢ بديعا لا يبلغ كنهه أحد سبحانه خلق ووفق وسوى وهيأ لكل حيوان وشيء ما يناسبه ويحتاجه وقدر سائر مخلوقاته، وأحسن كل شيء خلقه، وهداه لما يحتاجه ويسر له ما يلزم، فهيأ للإنسان الفهم والإدراك والنظر والتدبر في أمور المعاش والمعاد واستنباط الصنايع المتنوعة ومزاولة الأعمال المختلفة، وجعل له فكرا واسعا كلما استعمله انصقل وازداد في المعارف الكونية، وهكذا سائر مخلوقاته يسرها لمنافعها