وما قيل إن المراد بهم اليهود فغير صحيح، لأن اليهود لم يجالسوا الرسول في مكة، وكل ما وقع منهم معه في المدينة وهذه السورة مكية عدا الآيات المستثنيات الآتية وهذه ليست منها، وقال جل المفسرين إنها نزلت في النضر بن الحارث بن عبد الدار وجماعته رؤوس الكفر القائلين إن هذا القرآن ليس من عند اللّه وإنما هو من نفس محمد وأعوانه، فأكذبهم اللّه بقوله "فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً" لجعلهم العربي الفصيح يتلقن من الرومي والبربري، وكلام اللّه أعجز البلغاء بيانه وأفحم العقلاء معناه، وهؤلاء لا يقدرون على فهمه فضلا عن تعليمه فما جاءوا به تعسفا "وَزُوراً" ٤ لاتهامهم حضرة الرسول بنسبه ما هو بريء منه، كما هو منزه عما وصموه به من السحر والكهانة وشبهها في آيات أخرى "وَقالُوا" أيضا ما هذا القرآن إلا "أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ" خرافاتهم "اكْتَتَبَها" عن غيره "فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا" ٥ صباح ماء ليحفظها خفية قبل أن ينتشر خبرها بين الناس، وبعد انتهائه من كتابتها صار يتلوها علينا ويقول إن اللّه أوحاها إليه.
واعلم أن هذه وأشباهها مما فيها لفظ أساطير الأولين
قد قال فيها ابن عباس إنها من جملة ثمان آيات في معناها، نزلت في النظر المذكور أعلاه ويراد بها أخبارهم البالية غير المخطوطة المحققة، كما تقول الآن عند ما تسمع حكاية غير معقولة هذه خرافة وإسرائيلية، أي لا قيمة لها لعدم الجزم بصحتها لانها لم تنقل عن حديث صحيح وسند حسن، ولهذا أمره اللّه بأن يردّ عليهم بقوله عز قوله "قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ" كل أمر خفي عن القلب فضلا عن غيره مما هو "فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" و