﴿لأنذركم به ومن بلغ﴾ [ الأنعام : ١٩ ] بياناً شافياً لا ارتياب معه، بل ولو قيل : إن الآية على ظاهرها، لا خصوص فيها بالعقلاء، وتكليف كل شيء بحسبه، لكان وجهاً، وبذلك صرح الإمام تاج الدين السبكي في أول الترشيح في قوله :" وأصلي على نبيه محمد المصطفى المبعوث إلى كل شيء " وكذلك المحب الطبري في آخر " القرى لقاصدي أم القرى " وذلك لأنه ـ ﷺ ـ ما دعا جامداً ولا متحركاً غير الإنسان إلا أجابه بما هو مقتضى ﴿إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها﴾ [ الأحزاب : ٧٢ ] دعا غير مرة عدة من أغصان الأشجار فأتته تسجد له، ثم أمرها بأن ترجع إلى مكانها ففعلت ؛ ودعا الضب وغيره من الحيوانات العجم فأطاعته ؛ ودعا الأشجار غير مرة فسمعت وسعت إليه ؛ وأمر الجبل لما رجف فأذعن ؛ وأرسل إلى نخل وأحجار يأمرهن بالاجتماع ليقضي إليهن حاجة ففعلن، ثم أرسل يأمرهن بالرجوع إلى أماكنهن فأجبن ؛ وغمز الأرض فنبع منها الماء ؛ وأرسل سهمه إلى البئر فجاشت بالرواء - إلى غير ذلك مما هو مضمن في دلائل النبوة، بل ولا دعا طفلاً رضيعاً إلا شهد له لكونه على الفطرة الأولى - إلى غير ذلك مما هو دال على ظاهر الآية المقتضي لزيادة شرفه ـ ﷺ ـ من غير محذور يلزم عليه ولا نص يخالفة - والله الهادي.


الصفحة التالية
Icon