وقال أبو حيان :
﴿ وقال الذين كفروا ﴾.
قال ابن عباس : هو النضر بن الحارث وأتباعه، والإفك أسوأ لكذب.
﴿ وأعانه عليه قوم آخرون ﴾، قال مجاهد : قوم من اليهود ألقوا أخبار الأمم إليه.
وقيل : عداس مولى حويطب بن عبد العزّى، ويسار مولى العلاء بن الحضرمي، وجبر مولى عامر وكانوا كتابيين يقرؤون التوراة أسلموا وكان الرسول يتعهدهم.
وقال ابن عباس : أشاروا إلى قوم عبيد كانوا للعرب من الفرس أبو فكيهة مولى الحضرميين.
وجبر ويسار وعداس وغيرهم.
وقال الضحاك : عنوا أبا فكيهة الرومي.
وقال المبرد : عنوا بقوم آخرين المؤمنين لأن آخر لا يكون إلاّ من جنس الأول انتهى.
وما قاله لا يلزم للاشتراك في جنس الإنسان، ولا يلزم الاشتراك في الوصف.
ألا ترى إلى قوله ﴿ فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ﴾ فقد اشتركتا في مطلق الفئة، واختلفتا في الوصف.
والظاهر أن الضمير في ﴿ فقد جاؤوا ﴾ عائد على ﴿ الذين كفروا ﴾ والمعنى أن هؤلاء الكفار وردوا ظلماً كما تقول : جئت المكان فيكون جاء متعدياً بنفسه قاله الكسائي، ويجوز أن يحذف الجار أي بظلم وزور ويصل الفعل بنفسه.
وقال الزجاج : إذا جاء يستعمل بهذين الاستعمالين وظلمهم أن جعلوا العربي يتلقن من العجمي كلاماً عربياً أعجز بفصاحته جميع فصحاء العرب، والزور إن بهتوه بنسبة ما هو بريء منه إليه.
وقيل : الضمير عائد على قوم آخرين وهو من كلام الكفار، والضمير في ﴿ وقالوا ﴾ للكفار وتقدم الكلام على ﴿ أساطير الأولين ﴾ ﴿ اكتتبها ﴾ أي جمعها من قولهم كتب الشيء أي جمعه أو من الكتابة أي كتبها بيده، فيكون ذلك من جملة كذبهم عليه وهم يعلمون أنه لا يكتب ويكون كاستكب الماء واصطبه أي سكبه وصبه.
ويكون لفظ افتعل مشعراً بالتكلف والاعتمال أو بمعنى أمر أن يكتب كقولهم احتجم وافتصد إذا أمر بذلك.
﴿ فهي تُملى عليه ﴾ أي تلقى عليه ليحفظها لأن صورة الإلقاء على المتحفظ كصورة الإملاء على الكاتب.


الصفحة التالية
Icon