فصل


قال الفخر :
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾
اعلم أن هذا هو الجواب الثاني عن تلك الشبهة فقوله :﴿تَبَارَكَ الذى إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مّن ذلك﴾ أي من الله ذكروه من نعم الدنيا كالكنز والجنة وفسر ذلك الخير بقوله :﴿جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً﴾ نبه بذلك سبحانه على أنه قادر على أن يعطي الرسول كل ما ذكروه، ولكنه تعالى يدبر عباده بحسب الصالح أو على وفق المشيئة ولا اعتراض لأحد عليه في شيء من أفعاله، فيفتح على واحد أبواب المعارف والعلوم، ويسد عليه أبواب الدنيا، وفي حس الآخر بالعكس وما ذاك إلا أنه فعال لما يريد، وههنا مسائل :
المسألة الأولى :
قال ابن عباس : خير من ذلك مما عيروك بفقده الجنة، لأنهم عيروك بفقد الجنة الواحدة وهو سبحانه قادر على أن يعطيك جنات كثيرة، وقال في رواية عكرمة :﴿خَيْراً مّن ذلك﴾ أي من المشي في الأسواق وابتغاء المعاش.
المسألة الثانية :
قوله :﴿إِن شَاء﴾ معناه أنه سبحانه قادر على ذلك لا أنه تعالى شاك لأن الشك لا يجوز على الله تعالى، وقال قوم :﴿إن﴾ ههنا بمعنى إذا، أي قد جعلنا لك في الآخرة جنات وبنينا لك قصوراً وإنما أدخل إن تنبيهاً للعباد على أنه لا ينال ذلك إلا برحمته، وأنه معلق على محض مشيئته وأنه ليس لأحد من العباد على الله حق لا في الدنيا ولا في الآخرة.
المسألة الثالثة :
القصور جماعة قصر وهو المسكن الرفيع ويحتمل أن يكون لكل جنة قصر فيكون مسكناً ومتنزهاً، ويجوز أن يكون القصور مجموعة والجنات مجموعة.
وقال مجاهد : إن شاء جعل لك جنات في الآخرة وقصوراً في الدنيا.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية
Icon