فصل


قال الفخر :
﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (١٧) ﴾
اعلم أن قوله تعالى :﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ﴾ راجع إلى قوله :﴿واتخذوا مِن دُونِهِ ءالِهَةً﴾ [ الفرقان : ٣ ] ثم ههنا مسائل :
المسألة الأولى :
﴿يَحْشُرُهُمْ﴾ فنقول كلاهما بالنون والياء وقرىء ﴿نَحْشُرُهُمْ﴾ بكسر الشين.
المسألة الثانية :
ظاهر قوله :﴿وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ أنها الأصنام، وظاهر قوله :﴿فَيَقُولُ أَءنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى﴾ أنه من عبد من الأحياء كالملائكة والمسيح وغيرهما، لأن الإضلال وخلافه منهم يصح فلأجل هذا اختلفوا، فمن الناس من حمله على الأوثان، فإن قيل لهم الوثن جماد فكيف خاطبه الله تعالى، وكيف قدر على الجواب ؟ فعند ذلك ذكروا وجهين : أحدهما : أن الله تعالى يخلق فيهم الحياة، فعند ذلك يخاطبهم فيردون الجواب وثانيها : أن يكون ذلك الكلام لا بالقول اللساني بل على سبيل لسان الحال كما ذكر بعضهم في تسبيح الموات وكلام الأيدي والأرجل، وكما قيل : سل الأرض من شق أنهارك، وغرس أشجارك ؟ فإن لم تجبك حواراً، أجابتك اعتباراً! وأما الأكثرون فزعموا أن المراد هو الملائكة وعيسى وعزير عليهم السلام، قالوا ويتأكد هذا القول بقوله تعالى :﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ للملائكة أَهَؤُلاَء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ﴾ [ سبأ : ٤٠ ] وإذا قيل لهم : لفظة ( ما ) لا تستعمل في العقلاء أجابوا عنه من وجهين : الأول : لا نسلم أن كلمة ( ما ) لما لا يعقل بدليل أنهم قالوا ( من ) لما لا يعقل والثاني : أريد به الوصف كأنه قيل ( ومعبودهم )، وقوله تعالى :﴿والسماء وَمَا بناها﴾ [ الشمس : ٥ ] ﴿وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ﴾ [ الكافرون : ٣ ] لا يستقيم إلا على أحد هذين الوجهين، وكيف كان فالسؤال ساقط.


الصفحة التالية
Icon