قلت : قوله :" واحْتَمَلَ أَنْ يكونَ في نيةِ التنوينِ " إلى آخره لا يتأتى إلاَّ على قولِ أبي إسحاقَ. وهو أنَّه يرى أنَّ اسمَ " لا " النافيةِ للجنسِ معربٌ، ويَعْتَذِرُ عن حذفِ التنوينِ بكثرةِ الاستعمالِ، ويَسْتَدِلُّ عليه بالرجوعِ إليه في الضرورةِ. ويُنشِد :

٣٤٨٠ أَلا رجلاً جزاهُ اللهُ خيراً ......................
ويتأَوَّلُه البصريون على إضمار : ألا تَرَوْنَني رجلاً. وكان يمكنُ الشيخُ أنْ يجعلَه معرباً كما ادَّعى بطريق أخرى : وهي أن يَجْعَلَ " بشرَى " عاملةً في " يومَئذٍ " أو في " للمجرمين " فيصيرُ من قبيلِ المُطَوَّل، والمُطوَّلُ معربٌ، لكنه لم يُلِمَّ بذلك. وسيأتي شيءٌ من هذا في كلام أبي البقاء رحمه الله. ويجوز أَن يكونَ " بُشرى " معرباً منصوباً بطريقٍ أخرى. وهي أن تكونَ منصوبةً بفعلٍ مقدرٍ أي : لا يُبَشَّرون بشرى كقولِه تعالى :﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ ﴾ [ ص : ٥٩ ]، " لا أهلا ولا سهلاً ". إلاَّ أنَّ كلامَ الشيخِ لا يمكنُ تنزيلهُ على هذا لقولهِ :" جاز أَنْ يكونَ " يومَئذٍ " و " للمجرمين " خبرين " فقد حكمَ أنَّ لها خبراً.
وإذا جُعِلَتْ منصوبةً بفعلٍ مقدرٍ لا يكون ل " لا " حينئذٍ خبرٌ، لأنها داخلةٌ على ذلك الفعلِ المقدرِ. وهذا موضعٌ حَسَنٌ فتأمَّلْه.
قوله :﴿ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ ﴾ قد تقدَّم من " يومئذٍ " أوجهٌ. وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يكونَ منصوباً ب " بشرى " قال :" إذا قَدَّرْتَ أنها منونةٌ غيرُ مبنيةٍ مع " لا " ويكونُ الخبرُ " للمجرمين ".


الصفحة التالية
Icon