والجواب : أنه تعالى قال في علم محمد ﷺ :﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً﴾ [ النساء : ١١٣ ] وقال عليه السلام :" أدبني ربي فأحسن تأديبي " وقال تعالى :﴿الرحمن علم القرآن﴾ [ الرحمن : ٢ ] وكان عليه السلام يقول :" أرنا الأشياء كما هي " وقال تعالى لمحمد عليه السلام :﴿وَقُل رَّبّ زِدْنِى عِلْماً﴾ [ طه : ١١٤ ] وأما الجمع بينه وبين قوله تعالى :﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ القوى﴾ فذاك بحسب التلقين، وأما التعليم فمن الله تعالى، كما أنه تعالى قال :﴿قُلْ يتوفاكم مَّلَكُ الموت﴾ [ السجدة : ١١ ] ثم قال تعالى :﴿الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا﴾ [ الزمر : ٤٢ ].
فإن قيل : قال نوح عليه السلام ﴿وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ المؤمنين﴾ [ الشعراء : ١١٤ ] وقال الله تعالى لمحمد عليه السلام :﴿وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ [ الأنعام : ٥٢ ] وهذا يدل على أن خلق نوح أحسن.
قلنا : إنه تعالى قال :﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إلى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [ نوح : ١ ] فكان أول أمره العذاب، وأما محمد عليه السلام فقيل فيه :﴿وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين﴾ [ الأنبياء : ١٠٧ ]، ﴿لقد جاءكم رسول من أنفسكم﴾ [ التوبة : ١٢٨ ] إلى قوله :﴿رَءوفٌ رَّحِيمٌ﴾ فكان عاقبة نوح أن قال :﴿رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّاراً﴾ [ نوح : ٢٦ ] وعاقبة محمد عليه السلام الشفاعة ﴿عسى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُودًا﴾ [ الإسراء : ٧٩ ] وأما سائر المعجزات فقد ذكر في "كتب دلائل النبوة" في مقابلة كل واحد منها معجزة أفضل منها لمحمد ﷺ، وهذا الكتاب لا يحتمل أكثر مما ذكرناه، والله أعلم.
وأما قوله تعالى :﴿مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ الله﴾ ففيه مسائل :


الصفحة التالية
Icon