وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السمآء بالغمام ﴾
أي واذكر يوم تشقق السماء بالغمام.
وقرأه عاصم والأعمش ويحيى وحمزة والكسائيّ وأبو عمرو :﴿ تشقّقُ ﴾ بتخفيف الشين وأصله تتشقق بتاءين فحذفوا الأولى تخفيفاً، واختاره أبو عبيد.
الباقون ﴿ تَشَّقَّقُ ﴾ بتشديد الشين على الادغام، واختاره أبو حاتم.
وكذلك في "ق".
﴿ بِالْغَمامِ ﴾ أي عن الغمام.
والباء وعن يتعاقبان ؛ كما تقول : رميت بالقوس وعن القوس.
روي أن السماء تتشقق عن سحاب أبيض رقيق مثل الضبابة، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تِيههِم فتنشق السماء عنه ؛ وهو الذي قال تعالى :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغمام ﴾ [ البقرة : ٢١٠ ].
﴿ وَنُزِّلَ الملائكة ﴾ من السموات، ويأتي الربّ جل وعز في الثمانية الذين يحملون العرش لفصل القضاء، على ما يجوز أن يحمل عليه إتيانه ؛ لا على ما تحمل عليه صفات المخلوقين من الحركة والانتقال.
وقال ابن عباس : تتشقق سماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس، ثم تنشق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر ممن في سماء الدنيا، ثم كذلك حتى تنشق السماء السابعة، ثم ينزل الكَروبيون وحملة العرش ؛ وهو معنى قوله :﴿ وَنُزِّلَ الملائكة تَنزِيلاً ﴾ أي من السماء إلى الأرض لحساب الثقلين.
وقيل : إن السماء تنشق بالغمام الذي بينها وبين الناس ؛ فبتشقق الغمام تتشقق السماء ؛ فإذا انشقت السماء انتقض تركيبها وطويت ونزلت الملائكة إلى مكان سواها.
وقرأ ابن كثير :﴿ وَنُنْزِلُ الْمَلاَئِكَة ﴾ بالنصب من الإنزال.
الباقون :﴿ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ ﴾ بالرفع.
دليله :﴿ تَنْزِيلاً ﴾ ولو كان على الأوّل لقال إنزالاً.
وقد قيل : إن نَزَّل وأنزل بمعنى ؛ فجاء ﴿ تَنْزِيلاً ﴾ على ﴿ نَزَّل ﴾ وقد قرأ عبد الوهاب عن أبي عمرو :﴿ وَنُزِل الْمَلاَئِكَةُ تَنْزِيلاً ﴾.