وقال السهيليّ :﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ ﴾ هو عقبة بن أبي مُعَيط، وكان صديقاً لأمية بن خلف الجُمحِيّ ويروى لأبي بن خلف أخ أمية، وكان قد صنع وليمة فدعا إليها قريشاً، ودعا رسول الله ﷺ فأبى أن يأتيه إلا أن يسلم.
وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه من أشراف قريش أحد فأسلم ونطق بالشهادتين، فأتاه رسول الله ﷺ وأكل من طعامه، فعاتبه خليله أمية بن خلف، أو أبيّ بن خلف وكان غائباً.
فقال عقبة : رأيت عظيماً ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش.
فقال له خليله : لا أرضى حتى ترجع وتبصق في وجهه وتطأ عنقه وتقول كيت وكيت.
ففعل عدوّ الله ما أمره به خليله ؛ فأنزل الله عز وجل :﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ ﴾.
قال الضحاك : لما بصق عقبة في وجه رسول الله ﷺ رجع بصاقه في وجهه وشوى وجهه وشفتيه، حتى أثر في وجهه وأحرق خديه، فلم يزل أثر ذلك في وجهه حتى قتل.
وعضه يديه فعل النادم الحزين لأجل طاعته خليله.
﴿ يَقُولُ ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً ﴾ في الدنيا، يعني طريقاً إلى الجنة.
﴿ يا ويلتى ﴾ دعاء بالويل والثبور على محالفة الكافر ومتابعته.
﴿ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً ﴾ يعني أمية، وكنى عنه ولم يصرح باسمه لئلا يكون هذا الوعد مخصوصاً به ولا مقصوراً، بل يتناول جميع من فعل مثل فعلهما.
وقال مجاهد وأبو رجاء : الظالم عام في كل ظالم، وفلان : الشيطان.
واحتج لصاحب هذا القول بأن بعده ﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً ﴾.
وقرأ الحسن :﴿ يَا وَيْلَتِي ﴾ وقد مضى في "هود" بيانه.
والخليل : الصاحب والصديق وقد مضى في "النساء" بيانه.
﴿ لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذكر ﴾ أي يقول هذا النادم : لقد أضلني من اتخذته في الدنيا خليلاً عن القرآن والإيمان به.
وقيل :﴿ عَنِ الذِّكْرِ ﴾ أي عن الرسول.