ذكروا في انتصاب ﴿يَوْمٍ﴾ وجهين : الأول : أن العامل ما دل عليه ﴿لاَ بشرى﴾ أي يوم يرون الملائكة ( يبغون البشرى ) و ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ للتكرير الثاني : أن التقدير اذكر يوم يرون الملائكة.
المسألة الثانية :
اختلفوا في ذلك اليوم، فقال ابن عباس يريد عند الموت، وقال الباقون يريد يوم القيامة.
المسألة الثالثة :
إنما يقال للكافر لا بشرى لأن الكافر وإن كان ضالاً مضلاً إلا أنه يعتقد في نفسه أنه كان هادياً مهتدياً، فكان يطمع في ذلك الثواب العظيم، ولأنهم ربما عملوا ما رجوا فيه النفع كنصرة المظلوم وعطية الفقير وصلة الرحم، ولكنه أبطلها بكفره فبين سبحانه أنهم في أول الأمر يشافهون بما يدل على نهاية اليأس والخيبة، وذلك هو النهاية في الإيلام وهو المراد من قوله :﴿وَبَدَا لَهُمْ مّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ﴾ [ الزمر : ٤٧ ].
المسألة الرابعة :
حق الكلام أن يقال يوم يرون الملائكة لا بشرى لهم، لكنه قال لا بشرى للمجرمين وفيه وجهان : أحدهما : أنه ظاهر في موضع ضمير والثاني : أنه عام فقد تناولهم بعمومه، قالت المعتزلة تدل الآية على القطع بوعيد الفساق وعدم العفو لأن قوله :﴿لاَ بشرى لّلْمُجْرِمِينَ﴾ نكرة في سياق النفي فيعم جميع أنواع البشرى في جميع الأوقات بدليل أن من أراد تكذيب هذه القضية قال بل له بشرى في الوقت الفلاني، فلما كان ثبوت البشرى في وقت من الأوقات يذكر لتكذيب هذه القضية، علمنا أن قوله تعالى :﴿لاَ بشرى﴾ يقتضي نفي جميع أنواع البشرى في كل الأوقات، ثم إنه سبحانه أكد هذا النفي بقوله :﴿حِجْراً مَّحْجُوراً﴾ والعفو من الله من أعظم البشرى، والخلاص من النار بعد دخولها من أعظم البشرى، وشفاعة الرسول ﷺ من أعظم البشرى فوجب أن لا يثبت ذلك لأحد من المجرمين، والكلام على التمسك بصيغ العموم قد تقدم غير مرة، قال المفسرون المراد بالمجرمين ههنا الكفار بدليل قوله :