وقال ابن جزى :
﴿ تَبَارَكَ ﴾
من البركة وهو فعل مختص بالله تعالى لم ينطق بالمضارع ﴿ على عَبْدِهِ ﴾ يعني محمدً صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك على وجه التشريف له والاختصاص ﴿ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً ﴾ الضمير لمحمد ﷺ أو للقرآن، والأول أظهر وقوله " للعالمين " عموم يشمل الجن والإنس ممن كان في عصره، ومن يأتي بعده إلى يوم القيامة، وتضمن صدر هذه الآية إثبات النبوة والتوحيد، والردّ على من خالف في ذلك ﴿ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ﴾ الخلق عبارة عن الإيجاد بعد العدم، والتقدير : عبارة عن إتقان الصنعة، وتخصيص كل مخلوق بمقداره، وصفته وزمانه ومكانه، ومصلحته، وأجله، وغير ذلك ﴿ واتخذوا ﴾ الضمير لقريش وغيرهم ممن أشرك بالله تعالى ﴿ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾ يعنون قوماً من اليهود منهم : عداس ويسار وأبو فكيهة الرومي ﴿ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً ﴾ أي ظلموا النبي ﷺ فما نسبوا إليه وكذبوا في ذلك عليه.
﴿ وقالوا أَسَاطِيرُ الأولين ﴾ أي ما سطره الأولون في كتبهم، وكان الذي يقول هذه المقالة النضر بن الحارث ﴿ اكتتبها ﴾ أي كتبها له كاتب، ثم صارت تملي عليه ليحفظها، وهذاحكاية كلام الكفار، وقال الحسن : إنها من قول الله على وجه الردّ عليهم، ولو كان ذلك لقال أكتتبها بفتح الهمزة لمعنى الإنكار، وقد يجوز حذف الهمزة في مثل هذا، وينبغي على قول الحسن أن يوقف على أساطير الأولين.


الصفحة التالية
Icon