﴿ قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر ﴾ ردّ على الكفار في قولهم ويعني بالسر : ما أسرّه الكفار من أقوالهم، أو يكون ذلك على وجه التنصل والبراءة مما نسبه الكفار إليه من الافتراء، أي أن الله يعلم سري فهو العالم بأني ما افتريت عليه، بل هو أنزله عليّ، فإن قيل : ما مناسبة قوله :﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ لما قبله؟ فالجواب أنه لما ذكر أقوال الكفار : أعقبها بذلك، لبيان أنه غفور رحيم في كونه لم يعجل عليهم بالعقوبة بل أمهلهم، وإن أسلموا تاب عليهم وغفر لهم.
﴿ وَقَالُواْ مَالِ هذا الرسول يَأْكُلُ الطعام ﴾ الآية : قال هذا الكلام قريش طعناً على النبي ﷺ، وقد رد الله عليهم بقوله ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطعام وَيَمْشُونَ فِي الأسواق ﴾ [ الفرقان : ٢٠ ] وقولهم ﴿ هذا الرسول ﴾ على وجه آلهتكم كقوله فرعون :﴿ إِنَّ رَسُولَكُمُ الذي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ ﴾ [ الشعراء : ٢٧ ] أو يعنون الرسول بزعمه، ثم ذكر ما اقترحوا من الأمور في قولهم :﴿ لولا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ ﴾ وما بعده، ثم وصفهم بالظلم، وقد ذكرنا معنى مسحوراً في [ الإسراء : ٤٧ ] سبحان ﴿ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال ﴾ أي قالوا فيك تلك الأقوال ﴿ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ﴾ أي لا يقدرون على الوصول إلى الحق لبعدهم عنه وإفراط جهلهم ﴿ خَيْراً مِّن ذلك ﴾ الإشارة إلى ما ذكره الكفار من الكنز والجنة في الدنيا ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار ﴾ يعني جنات الآخرة وقصورها وما قيل : يعني جنات، وقصوراً في الدنيا، ولذلك قال : إن شاء.


الصفحة التالية
Icon