﴿ قُلْ أذلك خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الخلد ﴾ إنما جاز هنا التفضيل بين الجنة والنار، لأن الكلام سؤال وتوبيخ، وإنما يمنع التفضيل بين شيئين، ليس بينهما اشتراك في المعنى إذ كان الكلام خبراً ﴿ وَعْداً مَّسْئُولاً ﴾ أي سأله المؤمنين أو الملائكة في قولهم : وأدخلهم جنات عدن، وقيل : معناه وعداً واجب الوقوع، لأنه حتمه ﴿ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ ﴾ القائل لذلك هو الله عز وجل، والمخاطب هم المعبودون مع الله على العموم، وقيل : الأصنام خاصة، والأول أرجح لقوله :﴿ ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ﴾ [ سبأ : ٤٠ ] وقوله :﴿ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله ﴾ [ المائدة : ١١٩ ] ﴿ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل ﴾ أم هنا معادلة لما قبلها، والمعنى أن الله يقول يوم القيامة للمعبودين :﴿ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ﴾ من تلقاء أنفسهم باختيارهم ولم تضلوهم أنتم؟ ولأجل ذلك بين هذا المعنى بقوله :﴿ هُمْ ﴾ ليتحقق إسناد الضلال إليهم، فإنما سألهم الله هذا السؤال مع علمه بالأمور ليوبخ الكفار الذين عبدوهم.
﴿ قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ ﴾ القائلون لهذا هم المعبودون : قالوه على وجه التبري ممن عبدهم كقولهم : أنت ولينا من دونهم، والمراد بذلك توبيخ الكفار يومئذ، وإقامة الحجة عليهم ﴿ ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَآءَهُمْ ﴾ معناه إن إمتاعهم بالنعم في الدنيا كان سبب نسيانهم لذكر الله وعبادته ﴿ قَوْماً بُوراً ﴾ أي هالكين، وهو من البوار وهو الهلاك، واختلف هل هو جمع بائر؟ أو مصدر وصف به ولذلك يقع على الواحد والجماعة.