وقيل : عام وما يتناول العقلاء وغيرهم لأنه أريد به الوصف كأنه قيل ومعبوديهم ﴿ فَيَقُولُ ﴾ وبالنون شامي ﴿ ءأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِى هَؤُلاَء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السبيل ﴾ والقياس ضلوا عن السبيل إلا أنهم تركوا الجار كما تركوه في هداه الطريق والأصل إلى الطريق أو للطريق.
وضل مطاوع أضله والمعنى أأنتم أوقعتموهم في الضلال عن طريق الحق بإدخال الشبه أم هم ضلوا عنه بأنفسهم؟ وإنما لم يقل "أأضللتم عبادي هؤلاء أم ضلوا السبيل" وزيد "أنتم" و"هم" لأن السؤال ليس عن الفعل ووجوده لأنه لولا وجوده لما توجه هذا العتاب، وإنما هو عن متوليه فلا بد من ذكره وإيلائه حرف الاستفهام ليعلم أنه المسؤول عنه.
وفائدة سؤالهم مع علمه تعالى بالمسؤول عنه أن يجيبوا بما أجابوا به حتى يبكت عبدتهم بتكذيبهم إياهم فتزيد حسرتهم ﴿ قَالُواْ سبحانك ﴾ تعجب منهم مما قيل لهم وقصدوا به تنزيهه عن الأنداد وأن يكون له نبي أو ملك أو غيرهما نداً.
ثم قالوا ﴿ مَا كَانَ يَنبَغِى لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء ﴾ أي ما كان يصح لنا ولا يستقيم أن نتولى أحداً دونك فكيف يصح لنا أن نحمل غيرنا على أن يتولونا دونك؟ ﴿ نتخذ ﴾ يزيد.
و"اتخذ" يتعدى إلى مفعول واحد نحو "اتخذ ولياً" وإلى مفعولين نحو "اتخذ فلاناً ولياً" قال الله تعالى :﴿ أَمِ اتخذوا الِهَةً مّنَ الأرض ﴾ [ الأنبياء : ٢١ ] ﴿ اتخذ الله إبراهيم خَلِيلاً ﴾ [ النساء : ١٢٥ ] فالقراءة الأولى لواحد وهو من أولياء والأصل أن تتخذ أولياء وزيدت "من" التأكيد معنى النفي، والقراءة الثانية في المتعدي إلى المفعولين فالمفعول الأول ما بني له الفعل والثاني من أولياء و"من" للتبعيض أي لا نتخذ بعض أولياء لأن من لا تزاد في المفعول الثاني بل في الأول تقول "ما اتخذت من أحد ولياً" ولا تقول "ما اتخذت أحداً من ولي" ﴿ ولكن مَّتَّعْتَهُمْ وَءابَاءهُمْ ﴾ بالأموال والأولاد.


الصفحة التالية
Icon