﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطعام وَيَمْشُونَ فِى الأسواق ﴾ كسرت "إن" لأجل اللام في الخبر والجملة بعد "إلا" صفة لموصوف محذوف، والمعنى وما أرسلنا قبلك أحداً من المرسلين إلا آكلين وماشين، وإنما حذف اكتفاء بالجار والمجرور أي من المرسلين ونحوه ﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ [ الصافات : ١٦٤ ] أَيُّ وَمَا مِنَّا أَحَدٌ.
قِيلَ : هو احتجاج على من قال ﴿ ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ﴾ وتسلية للنبي عليه الصلاة والسلام ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ﴾ أي محنة وابتلاء، وهذا تصبير لرسول الله ﷺ عما عيروه به من الفقر ومشيه في الأسواق يعني أنه جعل الأغنياء فتنة للفقراء فيغني من يشاء ويفقر من يشاء ﴿ أَتَصْبِرُونَ ﴾ على هذه الفتنة فتؤجروا أم لا تصبروا فيزداد غمكم.
وحكي أن بعض الصالحين تبرم بضنك عيشه فخرج ضجراً فرأى خصياً في مواكب ومراكب فخطر بباله شيء فإذا بمن يقرأ هذه الآية فقال : بلى فصبراً ربنا.
أو جعلتك فتنة لهم لأنك لو كنت غنياً صاحب كنوز وجنان لكانت طاعتهم لك للدنيا أو ممزوجة بالدنيا فإنما بعثناك فقيراً لتكون طاعة من يطيعك خالصة لنا ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ﴾ عالماً بالصواب فيما يبتلي به أو بمن يصبر ويجزع. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ٣ صـ ١٥٧ ـ ١٦٣﴾


الصفحة التالية
Icon