﴿ فَمَا يَسْتَطِيعُونَ ﴾ أي المعبودون وقرأ حفص بالتاء على خطاب العابدين. ﴿ صَرْفاً ﴾ دفعاً للعذاب عنكم، وقيل حيلة من قولهم إنه ليتصرف أي يحتال. ﴿ وَلاَ نَصْراً ﴾ يعينكم عليه. ﴿ وَمَن يَظْلِم مّنكُمْ ﴾ أيها المكلفون. ﴿ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً ﴾ هي النار والشرط وإن عم كل من كفر أو فسق لكنه في اقتضاء الجزاء مقيد بعدم المزاحم وفاقاً، وهو التوبة والإِحباط بالطاعة إجماعاً وبالعفو عندنا.
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطعام وَيَمْشُونَ فِي الأسواق ﴾ أي إلا رسلاً إنهم فحذف الموصوف لدلالة المرسلين عليه وأقيمت الصفة مقامه كقوله تعالى :﴿ وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ ﴾ ويجوز أن تكون حالاً اكتفى فيها بالضمير وهو جواب لقولهم ﴿ مَّالِ هذا الرسول يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِي فِي الأسواق ﴾ وقرىء ﴿ يَمْشُونَ ﴾ أي تمشيهم حوائجهم أو الناس. ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ ﴾ أيها الناس. ﴿ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ﴾ ابتلاء ومن ذلك ابتلاء الفقراء بالأغنياء، والمرسلين بالمرسل إليهم ومناصبتهم لهم العداوة وإيذائهم لهم، وهو تسلية لرسول الله ﷺ على ما قالوه بعد نقضه، وفيه دليل على القضاء والقدر. ﴿ أَتَصْبِرُونَ ﴾ علة للجعل والمعنى ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ﴾ لنعلم أيكم يصبر ونظيره قوله تعالى :﴿ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾ أو حث على الصبر على ما افتتنوا به. ﴿ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ﴾ بمن يصبر أو بالصواب فيما يبتلى به وغيره. أ هـ ﴿تفسير البيضاوى حـ ٤ صـ ٢٠٥ ـ ٢١٢﴾


الصفحة التالية
Icon