من قرأ ﴿ أن نتخذ ﴾ بفتح النون فظاهر وهو متعدٍ إلى واحد والأصل أن نتخذ أولياء من دونك فزيدت " من " لتأكيد معنى النفي. ومن قرأ بضم النون فهو متعدٍ إلى اثنين : الأول ضمير نحن، والثاني من أولياء. ولا تكون " من " زائدة لأنها لا تزاد في المفعول الثاني تقول : ما اتخذت من أحد ولياً ولا تقول ما أتخذت أحداً من ولي ف " من " للتبعيض أي لا نتخذ بعض أولياء. وتنكير أولياء من حيث إنهم أولياء مخصوصون وهم الجن والأصنام، والمعنى إنا لا نصلح لذلك فكيف ندعوهم إلى عبادتنا. وفي تفسير الآية على القراءة الأولى وجوه : الأول أن المعنى إذ كنا لا نرى أن نتخذ من دونك ولياً فكيف ندعو غيرنا إلى ذلك؟ الثاني : ما كان يصح لنا أن نكون أمثال الشياطين في توليهم الكفار كما تولاهم الكفار. قال تعالى ﴿ فقاتلوا أولياء الشيطان ﴾ [ النساء : ٧٦ } يريد الكفرة عن أبي مسلم : الثالث تقدير مضاف محذوف أي ما كان لنا أن نتخذ من دون رضاك من أولياء أي لما علمنا أنك لا ترضى بهذا ما فعلنا. أو قالت الملائكة : أنا وهم عبيد ولا ينبغي لعبيدك أن يدعوا من دون إذنك ولياً. الرابع قالت الأصنام : لا يصح منا أن نكون من العابدين فكيف يمكننا ادّعاء أنا من المعبودين. وفي الآية دلالة على أنه لا تجوز الولاية والعداوة إلا بإذن الله، والولاية المبنية على ميل النفس وشهوة الطبع مذمومة شرعاً. و ﴿ الذكر ﴾ ذكر الله والإيمان به أو القرآن والشرائع أو ما فيه حسن ذكرهم في الدنيا والآخرة. قالت المعتزلة : في قوله ﴿ ولكن متعتهم ﴾ الخ. دليل بيِّن على أن الله عز وجل لا يضل عباده على الحقيقة وإلا كان جواب العبيد أن يقولوا : بل أنت أضللتهم لا أن يقولوا بل أنت تفضلت من غير سابقة على هؤلاء وعلى آبائهم تفضل جواد كريم، فجعلوا النعمة التي حقها أن تكون سبب الشر سبب الكفر ونسيان الذكر. فالحصال أنهم ضلوا بأنفسهم لا بإضلالنا. وقالت الأشاعرة : بل فيه دلالة على أن الله


الصفحة التالية
Icon