قوله ﴿ فقد كذبوكم ﴾ التفات لأجل الإلزام والفاء فيه تدل على شرط مقدر كأنه قال : إن زعمتم أنهم آلهتكم فقد كذبوكم بقولكم إنهم آلهة. أو بقولهم سبحانك ما كان ينبغي لنا على اختلاف قراءتي الخطاب واليغبة. قال جار الله : الباء في الأول كقوله ﴿ بل كذبوا بالحق ﴾ والجار والمجرور بدل من كاف الخطاب كأنه قيل : فقد كذبوا بما تقولون. وفي الثاني كقولك " كتبت بالقلم ". ﴿ فما تستطيعون ﴾ أنتم يا كفار أو فما يستطيع آلهتكم على القراءتين صرف العذاب عنكم. وقيل : الصرف التوبة لأنها تصرف العاصي عن فعله. وقيل : الحيلة من قولهم " إنه ليتصرف " أي يحتال. ثم ذكر وعيد كل ظالم بقوله ﴿ ومن يظلم ﴾ الآية. فاستدلت المعتزلة به على وعيد الفاسق وخلوده وذلك أن الفسق ظلم لقوله ﴿ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ﴾ [ الحجرات : ١١ ] والإنصاف أنه لا دلالة في الاية على مطلوبهم لأن " من " ليست من صيغ العموم عند بعضهم، ولئن سلم فلعل المراد الأكثر أو أقوام بأعيانهم لقوله ﴿ منكم ﴾ ولئن سلم فلعله مشروط بعدم العفو كما أنه مشروط عند المعتزلة بعدم التوبة، ولو سلم الجميع فإذاقة العذاب لا تدل على الخلود. ثم بين بقوله ﴿ وما أرسلنا ﴾ الآية. أنه لا وجه لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام لأن هذه عادة مستمرة من الله في كل رسله. قال الزجاج : الجملة بعد " إلا " صفة لموصوف محذوف والمعنى : وما أرسلنا قبلك أحداً من المرسلين : إلا آكلين وماشين. وإنما حذف لأن في قوله ﴿ من المرسلين ﴾ دليلاً عليه نظيره ﴿ وما منا إلا له مقام معلوم ﴾ [ الصافات : ١٦٤ ] أي وما منا أحد. وقال الفراء : المحذوف هو الموصول والتقدير : إلا من انهم. وقال ابن الأنباري : المحذوف هو الواو بعد إلا فتكون الجملة حالاً كقوله ﴿ وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ﴾ [ الحجر : ٤ ] قوله ﴿ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ﴾ قال الكلبي والفراء والزجاج : إن هذا في رؤساء المشركين كأبي جهل وغيره