" ما أعجب نظام الضوابط والموازنات الذي منع أي حيوان مهما يكن من وحشيته أو ضخامته أو مكره من السيطرة على العالم، منذ عصر الحيوانات القشرية المتجمدة! غير أن الإنسان وحده قد قلب هذا التوازن الذي للطبيعة بنقله النباتات والحيوانات من مكان إلى آخر. وسرعان ما لقي جزاءه القاسي على ذلك، ماثلاً في تطور آفات الحيوان والحشرات والنبات.
" والواقعة الآتية فيها مثل بارز على أهمية تلك الضوابط فيما يتعلق بوجود الإنسان.
فمنذ سنوات عديدة زرع نوع من الصبار في استراليا. كسياج وقائي. ولكن هذا الزرع مضى في سبيله حتى غطى مساحة تقرب من مساحة انجلترا، وزاحم أهل المدن والقرى، وأتلف مزارعهم، وحال دون الزراعة. ولم يجد الأهالي وسيلة تصده عن الانتشار ؛ وصارت أستراليا في خطر من اكتساحها بجيش من الزرع صامت، يتقدم في سبيله دون عائق! "
" وطاف علماء الحشرات بنواحي العالم حتى وجدوا أخيراً حشرة لا تعيش إلا على ذلك الصبار، ولا تتغذى بغيره، وهي سريعة الانتشار، وليس لها عدو يعوقها في استراليا. وما لبثت هذه الحشرة حتى تغلبت على الصبار. ثم تراجعت، ولم يبق منها سوى بقية قليلة للوقاية، تكفي لصد الصبار عن الانتشار إلى الأبد ".
" وهكذا توافرت الضوابط والموازين، وكانت دائماً مجدية ".


الصفحة التالية
Icon