وقوله : محجوراً توكيد لمعنى الحجر. قال الزمخشري : كقول العرب : ذيل ذائل. والذيل الهوان، وموت مائت، وأما على القول بأن حجراً محجوراً من قول الملائكة، فمعناه : أنهم يقولون للكفار حجراً محجوراً. أي حراماً محرماً أن تكون للكفار اليوم بشرى، أو أن يغفر لهم، أو يدخلون الجنة وهذا القول اختاره ابن جرير، وابن كثير وغير واحد.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة ﴿ يَوْمَ يَرَوْنَ الملائكة ﴾ قال الزمخشري : يوم منصوب بأحد شيئين، إما بما دل عليه لا بشرى أي يوم يرون الملائكة يمنعون البشرى، أو يعدمونها، ويومئذ للتكرير، وإما بإضمار اذكر : أي اذكر يوم يرون الملائكة، ثم قال لا بشرى يومئذ للمجرمين.
وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)
قد قدمنا الآيات الموضحة له في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى :﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً ﴾ [ الإسراء : ١٩ ] الآية. وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى :﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ﴾ [ النحل : ٩٧ ] الآية. وغير ذلك عن إعادته هنا.
أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)
استنبط بعض العلماء من هذه الآية الكريمة : أن حساب أهل الجنة يسير، وأنه ينتهي في نصف نهار، ووجه ذلك أن قوله : مقتيلاً : أي مكان قيلولة وهي الاستراحة في نصف النهار، قالوا : وهذا الذي فهم من هذه الآية الكريمة، جاء بيانه في قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ( * ) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنقَلِبُ إلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً ﴾ [ الأنشقاق : ٧٩ ].