وهناك أيضاً خير يقابله خير، لكن أقلّ منه، كما لو قلت : هذا خير من هذا، وكما في الحديث الشريف :" المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير ".
وفي بعض الأساليب لا نكتفي بصيغة ( خير ) للتمييز بين شيئين، فنقول بصيغة أفعل التفصيل : هذا أَخْبر من هذا.
وكلمة ﴿ مُّسْتَقَرّاً ﴾ [ الفرقان : ٢٤ ] المستقر : المكان الذي تستقر أنت فيه، والإنسان لا يُؤْثِر الاستقرار في مكان عن مكان آخر، إلا إذا كان المكان الذي استقر فيه أكثرَ راحةً لنفسه من غيره، كما نترك الغرفة مثلاً في الحرِّ، ونجلس في الحديقة أو الشُّرْفة.
ومن ذلك نقول : إذا ضاقتْ بك أرض فاتركها إلى غيرها، على حَدِّ قوله تعالى :﴿ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأرض مُرَاغَماً كَثِيراً ﴾ [ النساء : ١٠٠ ].
ويقول الشاعر :

لَعَمْرُكَ مَا ضَاقَتْ بلاَدٌ بأهْلِهَا وَلكِنَّ أخْلاقَ الرجَالِ تَضِيقُ
ومعنى ﴿ وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾ [ الفرقان : ٢٤ ] المقيل : هو المكان الذي كانت تقضي فيه العرب وقت القيلولة، وهي ساعة الظهيرة حين تشتدّ حرارة الشمس، ونسميها في العامية ( القيالة ) ويقولون لمن لا يستريح في هذه الساعة : العفاريت مِقيّلة!!
لكن أَفِي الجنة قيلولة وليس فيها حَرٌّ، ولا برد، ولا زمهرير؟
قالوا : القيلولة تعني محلّ فراغ الإنسان لخاصة نفسه، أَلا ترى أن الحق تبارك وتعالى حينما ذكر أوقات الاستئذان في سورة النور جعل منها هذا الوقت، فقال سبحانه :﴿ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِّنَ الظهيرة ﴾ [ النور : ٥٨ ] فأمر الصغار أن يستأذنوا علينا في هذا الوقت ؛ لأنه من أوقات العورة.


الصفحة التالية
Icon