وأما هؤلاء فقلوبهم كما خلت عن العلم فقد اتصفت بالجهل فإنهم لا يعلمون ولا يعلمون أنهم لا يعلمون، بل هم مصرون على أنهم يعلمون وثالثها : أن عدم علم الأنعام لا يضر بأحد أما جهل هؤلاء فإنه منشأ للضرر العظيم، لأنهم يصدون الناس عن سبيل الله ويبغونها عوجاً ورابعها : أن الأنعام لا تعرف شيئاً ولكنهم عاجزون عن الطلب وأما هؤلاء الجهال فإنهم ليسوا عاجزين عن الطلب، والمحروم عن طلب المراتب العالية إذا عجز عنه لا يكون في استحقاق الذم كالقادر عليه التارك له لسوء اختياره وخامسها : أن البهائم لا تستحق عقاباً على عدم العلم، أما هؤلاء فإنهم يستحقون عليه أعظم العقاب وسادسها : أن البهائم تسبح الله تعالى على مذهب بعض الناس على ما قال ﴿وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ﴾ [ الأسراء : ٤٤ ] وقال :﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى السموات﴾ [ الحج : ١٨ ] إلى قوله :﴿والدواب﴾ [ الحج : ١٨ ] وقال :﴿والطير صافات كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ [ النور : ٤١ ] وإذا كان كذلك فضلال الكفار أشد وأعظم من ضلال هذه الأنعام.
السؤال الثالث : أنه سبحانه لما نفى عنهم السمع والعقل، فكيف ذمهم على الإعراض عن الدين وكيف بعث الرسول إليهم فإن من شرط التكليف العقل ؟ الجواب : ليس المراد أنهم لا يعقلون بل إنهم لا ينتفعون بذلك العقل، فهو كقول الرجل لغيره إذا لم يفهم إنما أنت أعمى وأصم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٤ صـ ٧٤ ـ ٧٦﴾


الصفحة التالية
Icon